تعد «الجديروقراطية» (أو الحكم بالاستحقاق أو قياس الجدارة) فكرة شائعة لهيكلة المجتمع، ولكن هذا ليس بالأمر اليسير. ومن الصعب قياس الجدارة في التنس أو السباحة، لكن من الأصعب تحديدها في الفن أو العلوم أو القبول بالجامعة.
عندما لا يمكن قياس الجدارة، تميل المؤسسات المبنية على الكفاءات، اسميا، إلى تقييمها وفقاً للنجاحات السابقة، حتى إذا كان هذا النجاح مبنياً على أحكام ذاتية وقدرٍ من حسن الحظ. وقد يفسر هذا السبب في أن الآباء أصبحوا يشعرون باليأس بما يكفي لجعلهم يلجؤون إلى الرشوة لشراء الجدارة لأبنائهم، مثل القبول في جامعات النخبة. لكن العلماء الذين يديرون تلسكوب هابل الفضائي وجدوا وسيلة لتحسين تقييم الجدارة. وقد اختبروا هذه الوسيلة علمياً. ومن الممكن تطبيق النتائج على العديد من مجالات الحياة الأخرى.
يعد تلسكوب هابل مورداً محدوداً، لذا يتعين على اللجنة اختيار جزء من الفائزين من بين مئات المقترحات الجديرة بالاهتمام. وقبل خمس سنوات اكتشف الباحثون أن المشروعات التي يشرف عليها قادة من الذكور لديها فرصة أكبر للقبول من المشروعات التي تديرها قادة من الإناث. هل هذا لأن المشاريع التي يقودها الذكور كانت أفضل، أم لأن هناك بعض التحيز الخفي؟
للبحث في هذا السؤال، قرر الباحثون القيام بجولة من الاختيارات، حيث قاموا بإزالة أسماء وانتماءات المتقدمين. إنه يشبه تعمية الدراسات حتى لا يعلم الباحثون من يحصل على علاج، على سبيل المثال، ومن يحصل على علاج مزيف. وكانت النتيجة هي عكس مشكلة النسبة بين الجنسين، حيث حصلت النساء على نسب أعلى من القبول لأول مرة في 17 عاماً. بيد أنه كانت هناك عواقب أخرى أيضاً وردت بالتفصيل في مقال في نسخة هذا الشهر من مجلة «الفيزياء اليوم». وكان كاتبا هذا المقال من علماء الفلك، أحدهما ساعد في عملية التقييم المجهولة، والآخر كان مراقباً وثيقاً.

وأدرك العالمان أن طبيعة هذه التقييمات «المجهولة» ستكون أكثر صعوبة: «سيحتاج المراجعون إلى تحديد الأسئلة الفكرية الأساسية والمهمة وتقييمها، دون مساعدة تتمثل في معرفة السجل السابق لمقدم الاقتراح».

وما وجده مؤلفا الورقة البحثية كان نقلة ملحوظة في عمق النقاش. كان يتعين على المراجعين قراءة المقترحات بعناية والتفكير فيها، بدلاً من أخذ نسخة مختصرة وافتراض أن أشهر علماء الفلك يجب أن يفوزوا. ومع وجود تقييمات تستند كلياً على جدارة الاقتراح، يحصل القادمون الجدد أو الأشخاص من المؤسسات الأقل شهرة على فرصة.


*كاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»